السبت 8 نوفمبر 2025 | 01:40 م

“فتوى الإبادة”.. اعترافات مدوّية تفضح كيف أراد الإخوان التضحية بثلثي شعب السودان للبقاء في الحكم


لم تكن كلمات الرئيس الإخواني المعزول الراحل محمد مرسي حين قال: «فيها إيه لما نضحي بشوية من الشعب عشان الباقي يعيش» مجرّد زلة لسان أو انفعال لحظة، بل كانت تعبيرًا عن عقيدة تنظيمية راسخة لدى جماعةٍ لا ترى في الشعوب إلا وقودًا لاستمرار سلطتها.

هذه العقيدة عادت لتطفو على السطح مجددًا، لكن هذه المرة من داخل البيت الإخواني نفسه، عبر تسريبٍ صوتي مدوٍّ لقيادي سابق في إخوان السودان، فجّر سلسلة اعترافات صادمة عن كيفية إدارة الجماعة للدولة، وعن استعدادها لإبادة ثلثي الشعب السوداني في سبيل البقاء على الكرسي.

في التسريب الذي انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، دار سجال بين القيادي الإخواني السابق مبارك الكودة وعضو التنظيم عمار السجاد (المدير السابق لمكتب الترابي)، كشف فيه الكودة عن كواليس مرعبة لما سمّاه “عقل الجماعة حين تستولي على السلطة”.

يقول الكودة إنّهم داخل التنظيم الحاكم كانوا يعتبرون البلاد “غنيمة شرعية”، وإنّ السيطرة على الثروات والوظائف والمناصب كانت أولوية تتقدّم على حياة الناس ومصالحهم. ويضيف بمرارة: «كنا مستعدين لإبادة الشعب من أجل البقاء».

الاعتراف الأخطر جاء حين استعاد الكودة ما سمّاه “فتوى الدم”، وهي الفتوى التي أصدرها الشيخ الإخواني عبد الحي يوسف، وأجاز فيها للرئيس المخلوع عمر البشير قتل ثلثي المتظاهرين الذين حاصروا القيادة العامة للجيش عام 2019، بحجة الحفاظ على “استقرار الدولة الإسلامية”!

لكن الكودة لم يتوقف عند حدود الفتوى، بل مضى إلى تشريح منظومة الفساد والتخريب التي زرعتها الجماعة في مؤسسات الدولة السودانية منذ انقلاب 1989.

قال بصراحة موجعة: «خلال سنتين فقط من استيلائنا على الحكم، فصلنا أكثر من 600 ألف موظف، ودمّرنا الخدمة المدنية التي كانت الأفضل عربيًا وأفريقيًا».

ثم أقرّ باعتراف يُعدّ وثيقة إدانة تاريخية: نائب البشير علي عثمان طه نفسه قال له ذات يوم: «نعم، حزب المؤتمر الوطني دمّر الخدمة المدنية».

ولم ينس الكودة أن يفضح تناقضات الجماعة الفكرية والسياسية، فقال: «انقلبنا على حكومة الصادق المهدي في 1989 لأنّه وقّع اتفاق سلام مع جون قرنق، وقلنا وقتها إن قرنق عدوّ الإسلام، لكننا نحن أنفسنا عدنا ووقّعنا معه اتفاقية نيفاشا في 2005، التي تسببت في فصل الجنوب ومنحته حق تقرير المصير».

ثم أكمل باعتراف مرير: «نحن من تسببنا في فصل جنوب السودان... ودماء السودانيين التي سالت كانت ثمناً لصفقات السلطة والكرسي».

وفي حديثه عن الفساد المالي والأخلاقي، قال الكودة إن ما مارسته الجماعة ضد الشعب السوداني “لا يخفى على أحد”، وإن من فصلوهم من الجيش والشرطة أعدادهم “لا تُحصى”، وإن من أُعدموا في بدايات عهدهم لم يكن ذنبهم سوى “شوية دولارات” كما حدث في قضية “مجدي وجرجس”، اللذين أُعدما بتهمة تجارة العملة.

وفي ختام التسريب، وجّه الكودة حديثه إلى من تبقى من أعضاء التنظيم قائلًا: «اتقوا الله... ولا تلبسوا الحق بالباطل. نحن من دمّرنا السودان، نحن من أورده موارد الفشل والانهيار».

تسريب الكودة لم يكن مجرد فضيحة صوتية، بل وثيقة إدانة أخلاقية وفكرية لجماعةٍ ما زالت تتكرر جرائمها أينما حكمت، من الخرطوم إلى القاهرة، ومن طرابلس إلى صنعاء.

فالإخوان في السودان كما في غيرها لم يؤمنوا يومًا بالشعوب، بل آمنوا فقط بأنفسهم، وبأن “التضحية بالثلثين” ثمنٌ مقبول لبقاء “الثلث الحاكم” على العرش باسم الله والدين.

استطلاع راى

هل ترى أن دور الأحزاب السياسية في مصر يعكس طموحات الشارع ويسهم في حل المشكلات اليومية؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5380 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image